خطّة السير في الضّاحية إنطلقت والمواطن سرّ نجاحها أو فشلها
منذ 15 عاماً برزت الحاجة إلى خطط سير جديدة لشوارع الضاحية الجنوبية التي تُعتبر البقعة الجغرافية الأكثر اكتظاظاً في لبنان، ولكن حرب تموز 2006 غيّرت الخطط وأجلتها، ومن ثم أنجزت إحدى الشركات المتخصّصة دراسة شاملة لشوارع الضاحية بطلب من إتحاد البلديات عام 2009- 2010، فدخلت الإشارات الضوئية حيّز التركيب ومن بعدها التشغيل في أكثر من شارع، ولكن العمل الجدي على خطة سير الضاحية إنطلق عام 2017.
تفاصيل خطة السير
منذ نحو عامين استُكملت الخطّة، بعد تولّي شركة خطيب وعلمي وضع تفاصيلها على أسس علمية أجرتها الشركة بعدما قامت بتعداد السيارات ودراسة حركة المرور والتقاطعات الموجودة، وفي بداية العام الجاري أطلقت الخطة وبدأ تنفيذ الأعمال المرتبطة بها، ومنذ 10 أيام أصبحت الخطّة قيد التنفيذ في مربّع حارة حريك تحديداً.
في الضاحية الجنوبية لا يمكن للبلديات إنشاء الأنفاق والجسور فهذه مسؤولية الدولة، كذلك لا يمكن توسعة الشوارع بسبب الإكتظاظ العمراني، لذلك كانت خطة السير هذه، والتي لا تتألف فقط من الشوارع الداخلية والتحويلات بل تمتد إلى مداخل الضاحية، رغم أن وجود الحواجز الأمنية على المداخل يشكّل عاملاً أساسياً من عوامل “العرقلة”.
جغرافياً، تشمل الخطة أربع بلديات (حارة حريك، المريجة، الغبيري، وبرج البراجنة) وتتمدّد إلى أجزاء من الشويفات، الحدث، الشياح، وذلك نتيجة التداخل السكاني، ما يعني أنها تبدأ شرقاً من طريق صيدا القديمة-الحدت وصولاً إلى البحر، وجنوباً من خلدة وصولاً إلى المدينة الرياضيّة شمالاً، وتلحظ الخطة نوعين من المشاريع: الأول هو حصراً من مسؤولية الدولة قوامه الطرق الدوليّة والأوتوسترادات والأنفاق والجسور والثاني متعلق بالبلديات وعلى رأسها الاتحاد، وقوامه الطرق الفرعية ووجهات السير والوسطيات والإشارات التوجيهيّة.
بدء التطبيق وبدء الإنتقادات
لم يمض ساعات قليلة على بدء التطبيق حتى انطلق الإنتقاد للخطة على وسائل التواصل الإجتماعي، إذ أشار بعض المغردين إلى أنها تسبّبت بزيادة زحمة السير، وآخرين وجدوها ناقصة، وغيرهم اعتبروا أنها لا تكفي وأنها تسبّب “ضياع” السائقين وتضييع وقتهم.
إن هذه الإنتقادات وغيرها وصلت إلى اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، يقول رئيس الإتحاد محمد درغام، مشيراً في حديث لـ”أحوال” إلى أن “الثناء” على الخطة وصل أيضاً للإتحاد، من قبل منهدسين ورجال دين ومواطنين عاديين، مع العلم أن الإتحاد لا يريد فرض الخطة على أحد، فهو يعلم أن نجاحها يتطلب التعاون بين الجميع وتحديداً المواطنين الذي يشكلون العامل الأبرز في نجاح أي خطة.
خطّة السّير لم تنته وهذه أهدافها
ما يزيد عن 800 ألف نسمة يسكنون الضاحية الجنوبيّة، في مساحة لا تتعدّى الـ 17 كيلومترا مربّعاً، وفيها حوالي 160 ألف سيارة، غير تلك السيارات التي تدخل إليها يومياً، ولا يوجد فيها ما يكفي من المواقف للسيارات، وكل هذه العوامل تجعل من حركة السير كارثية، وبالتالي يشير درغام إلى أن خطة السير هي لأجل تحسين إنسيابية السير، فهي ليست سحراً تجعل السيارات تطير، ونحن نتأمل من الخطة أن تحسّن من 40 إلى 60 بالمئة من إنسيابية السير، ما يعني أن ضغط السير سيستمر، والحرص هو على تأمين حركة سير إنسيابية.
ويضيف: “نتابع تنفيذ الخطة ساعة بساعة، ونراقب التفاصيل ونقرأ الصور، ونجري التعديلات بشكل سريع، مع العلم أن الخطة لم تنته بعد، وقريباً سيبدأ العمل بها في مربّع المريجة، وبرج البراجنة”، كاشفاً عن لقاء تمّ مع مؤسسة قوى الأمن الداخلي لتزويد الإشارات بعناصر أمنية، وتفعيل محاضر الضبط بحق المخالفين، متوعّداً العمل قدر الإمكان للحد من الدراجات النارية المخالفة، لأنها تشكل عامل ضغط على السائقين، خاصة وأن القانون لا يزال قاصراً عن حماية سائق السيارة من الحادث الذي يتعرض له مع دراجة نارية، حتى ولو كانت الدراجة النارية مخالفة.
يتحدّث البعض عن أن تحويل الشوارع باتجاه واحد، ومنع الإلتفاف في شوارع معينة وغيرها من الإجراءات فاجأت المواطنين، ولكن درغام يؤكد أنه تم حتى اليوم تركيب 700 لوحة توجيهية، وسيصل العدد إلى 1000، كما تم توزيع “منشورات” توضح تفاصيل الخطة، وتم تنفيذ خطة إعلامية ونشر فيديوهات لتفسير الإجراءات الجديدة، وبالتالي لا مجال للقول بأن الإجراءات مفاجئة.
“لا تنجح الخطة لوحدها” يقول درغام، مشيراً إلى أنها بحاجة إلى تعاون الناس، وشرطة البلدية والقوى الأمنية وأصحاب المحال التجارية، فثقافة الناس أساسية ولا يجب التعامل مع الشوارع على أنها “ليست لنا”، فهي ملك مشترك للجميع، ويجب التعاطي معها على هذا الأساس.
محمد علوش